الجمعة، 12 ديسمبر 2014



البحث عن السعادة


كل إنسان منا يتمنى أن يقضى حياته بمُجملها سعيدا، سواء أكان صغيرا أم كبيرا، ذكرا أم إنثى. فمن أين تأتي السعادة وما هو مصدرها ؟. هل
تأتي من المال، أم من السلطة، أم من الشهرة ؟؟ ) وهؤلاء إذا اجتمعوا أصبحوا ثالوثا خطرا(. أما المال فهناك أناس يملكون الملايين بل البلايين
من الدولارات، فهل اشتروا السعادة بمالهم ؟ وأما السلطة، فقد حكم رؤساء دول في زمنٍ قد مضى ثلث الأرض، فهل استطاعوا أن يسطروا
على السعادة أو أن يحكُموها؟ وأما الشهرة والتي ينعتونها بالنجومية، ويعتبرونها مجدا، فقد تخبط فيها كثير وضاع بسببها أكثر.

إن ما نشاهده في شتى الوسائل المرئية وخصوصا الفضائية، يعج ببرامج تمدح المشاهير و تصورهم على أنهم نجوم سعداء. فنرى ضحكة هنا،
وابتسامة هناك، تبرزهم على أنهم حازوا السعادة من أوسع أبوابها، فهم يغرفون منها كيفما شاءوا ومتى شاءوا. والمشكلة الأكبر أن بعضا من
جيلنا المراهق يعتبرهم قدوة، بل ويعتقدون أن هذه هي قمة السعادة. فتراهم يتابعونهم ليلا ونهارا، ويصوّتون لهم سرا وجهارا !! فهل هذه هي
حقيقة السعادة؟؟ وهل هذا هو فعلا ما يحدث خلف الأستار والحُجب؟

كلا،إنهم يعيشون خلف الأستار قمة الخواء الروحي، وهو السبب الرئيس والأكيد لضيق النفس، والتعاسة والقلق الدائم، والذي قد يؤدي بدوره
إلى الاكتئاب الإكلينيكي الحاد، أو المزمن. مما قد يدفع البعض إلى الهروب من الحياة الواقعية إلى تعاطي المخدرات، أو ربما يجره إلى الهاوية الانتحار. وقد حاول كثير من الكتّاب والمنظّرين الغربيين على مدار القرن الماضي والحاضر من معالجة هذه القضية المهمة والأساسية، والتي هزت العمود الفقاري للحضارة الغربية الجافة روحيا. و من أمثال هؤلاء ديل كارينجي، الروحي، فنيست بيل وستيفن
كوفي، وغيرهم كثير. 

فقد ظلوا يدورون في فلك التوازن الروحي، ويبينون ويصرخون بأهميته في حياة الإنسان المعاصر. يقول ديل كارنيجي: «إن ثلث عدد الأسِرّة في مستشفياتنا جميعها يشغله أشخاص متاعبهم الأصلية عصبية أو عاطفية. » ويؤكد الدكتور ستيفين كوفي عن أهمية البُعد الروحي، فيقول: « إذا انتصرت في معارك الروح، وإذا سويت قضايا الصراع الذي يدور بداخلك، ستشعر بالسلام والهدوء. » ولكن الجواب عن السعادة أسهل من ذلك
بكثير وكبد الحقيقة هي بين أيدينا، وهي شمس لا تحجبها غيوم، ولكن، للأسف انبهرنا ببريق النجومية الزائفة، أو تناسينا روح شمسنا المضيئة.
فشمس السعادة لن نراه ولن نشعر بها بعين البصر، بل بعين القلب. ومن أحسن من الله قيلا فقد قال سبحانه وتعالى: «فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ
وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ «الحج 46 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق